دليل المبتدئين للتعريف بأنواع الأصول المالية

في عالم المال والاستثمار، تُعتبر الأصول المالية من المفاهيم الأساسية التي ينبغي لكل مستثمر أو شخص مهتم بالشؤون المالية أن يُلمّ بها بدقة. ففهم هذه الأصول هو المفتاح لبناء محفظة استثمارية قوية ومتوازنة تتيح تحقيق الأهداف المالية على المدى القصير والطويل. تتنوع الأصول المالية بين ما هو سائل كالنقد، وما هو معقد ويتطلب خبرة، مثل المشتقات والأسهم الخاصة. يهدف هذا المقال إلى تقديم دليل شامل وموسع للمبتدئين للتعرف على الأنواع المختلفة من الأصول المالية، خصائصها، تصنيفاتها، ومخاطرها، وذلك بأسلوب علمي دقيق وبعيد عن التبسيط المخل.

أولاً: ما المقصود بالأصول المالية؟

الأصول المالية هي أدوات تمثل حقًا تعاقديًا للحصول على نقد أو أصل مالي آخر من طرف آخر، أو لتبادل أدوات مالية بشروط محتملة في المستقبل. بعكس الأصول المادية كالعقارات أو السلع، فإن الأصول المالية لا تملك قيمة جوهرية ملموسة، بل تعتمد قيمتها على الاتفاق أو العقد المالي بين الأطراف المعنية. وتُستخدم هذه الأصول في الأسواق المالية كوسائل للاستثمار، التمويل، التحوط، وتوزيع المخاطر.

ثانياً: التصنيفات الرئيسية للأصول المالية

تنقسم الأصول المالية إلى تصنيفين رئيسيين:

1. أصول مالية أساسية (Primary Financial Assets)

2. أصول مالية مشتقة (Derivative Financial Assets)

1. الأصول المالية الأساسية

وهي الأصول التي تمثل حقوق ملكية أو ديون مباشرة صادرة عن جهة معينة (شركة، حكومة، فرد). من أبرز هذه الأصول:

أ. الأسهم (Equities)

تمثل الأسهم ملكية جزئية في شركة مساهمة عامة أو خاصة، وتتيح لحاملها الحصول على أرباح سنوية تُعرف بالتوزيعات، إضافة إلى إمكانية الاستفادة من ارتفاع قيمة السهم في السوق.

أنواع الأسهم:

ب. السندات (Bonds)

السندات هي أدوات دين تصدرها الحكومات أو الشركات لجمع الأموال، وهي تمثل التزامًا بدفع مبلغ معين (القيمة الاسمية) في تاريخ استحقاق محدد، إضافة إلى فائدة دورية (كوبون).

أنواع السندات:

• سندات حكومية: ذات مخاطرة منخفضة، تصدرها الحكومات المركزية.

• سندات بلدية: تصدرها البلديات وتُستخدم غالبًا لتمويل مشاريع البنية التحتية.

• سندات شركات: تصدرها الشركات وتتفاوت في المخاطر حسب التصنيف الائتماني للمصدر.

ج. النقد والنقد المعادل (Cash and Cash Equivalents)

يشمل هذا النوع الأصول شديدة السيولة، مثل الودائع البنكية، أذون الخزانة قصيرة الأجل، وصناديق السوق النقدي. يُعد هذا النوع من الأصول منخفض المخاطر، ولكنه يحقق عوائد متدنية نسبيًا.

د. الودائع البنكية (Bank Deposits)

تشمل حسابات التوفير، الحسابات الجارية، والودائع لأجل. تُعتبر هذه الأصول الأكثر أمانًا ولكنها غالبًا ما تقدم معدلات فائدة أقل من غيرها من الأصول المالية.

2. الأصول المالية المشتقة

الأصول المشتقة هي أدوات مالية تستمد قيمتها من أصل أساسي مثل الأسهم، السلع، المؤشرات، أو حتى العملات. يُستخدم هذا النوع من الأصول غالبًا لأغراض التحوط أو المضاربة.

أ. العقود الآجلة (Futures Contracts)

هي اتفاقيات ملزمة لشراء أو بيع أصل معين في وقت لاحق بسعر محدد مسبقًا. تُستخدم بكثرة في أسواق السلع والطاقة والعملات.

ب. الخيارات (Options)

تمنح حاملها الحق – وليس الالتزام – بشراء أو بيع أصل معين في تاريخ مستقبلي محدد بسعر معين. تنقسم إلى:

• خيار الشراء (Call Option): يمنح الحق في الشراء.

• خيار البيع (Put Option): يمنح الحق في البيع.

ج. عقود المبادلة (Swaps)

هي اتفاقيات يتم فيها تبادل التدفقات النقدية المستقبلية بين طرفين، وغالبًا ما تُستخدم للتحوط من مخاطر أسعار الفائدة أو العملات.

ثالثاً: الأصول المالية حسب درجة السيولة

يمكن تصنيف الأصول المالية أيضًا حسب سهولة تحويلها إلى نقد دون فقدان كبير في القيمة:

رابعاً: الأصول المالية حسب درجة المخاطرة

تختلف الأصول المالية في درجة المخاطرة والعائد المتوقع منها، ويُستخدم هذا التصنيف على نطاق واسع في بناء المحافظ الاستثمارية المتوازنة:

خامساً: أهمية تنويع الأصول المالية

يُعد تنويع الأصول المالية أحد المبادئ الجوهرية في إدارة المخاطر الاستثمارية. إذ أن توزيع الاستثمارات بين أنواع مختلفة من الأصول (أسهم، سندات، نقد، مشتقات) يحد من تأثير تقلبات السوق على المحفظة المالية ويُحسن من إمكانيات العائد.

كما يُفضل التنويع داخل النوع الواحد، مثل شراء أسهم من قطاعات مختلفة أو سندات من جهات مصدرة متعددة. وتُعد استراتيجيات التنويع حجر الزاوية في إدارة المحافظ المالية الناجحة سواء للأفراد أو المؤسسات.

سادساً: العلاقة بين الأصول المالية والاقتصاد الكلي

تلعب الأصول المالية دورًا محوريًا في الاقتصاد الكلي، حيث تُمثل قناة رئيسية لتمويل الحكومات والشركات، كما تُستخدم كوسيلة لتحفيز النشاط الاقتصادي من خلال السياسات النقدية (مثل خفض أو رفع أسعار الفائدة).

فعلى سبيل المثال، تؤدي زيادة أسعار الفائدة إلى تقليل الإقبال على الأسهم وزيادة الطلب على السندات، بينما يُعزز انخفاضها من شهية المخاطرة. كما أن أداء الأسواق المالية يُعد مؤشرًا مهمًا على الحالة الاقتصادية العامة، ويُستخدم من قبل البنوك المركزية في اتخاذ قراراتها.

سابعاً: تأثير العوامل الخارجية على الأصول المالية

تتأثر الأصول المالية بعوامل متعددة منها:

• السياسات النقدية والمالية: مثل تغيّر أسعار الفائدة أو حجم الإنفاق العام.

• التقلبات الجيوسياسية: تؤثر مباشرة على أسعار الأصول، خاصة في الأسواق الناشئة.

• معدلات التضخم: تقلل من القيمة الحقيقية للعوائد.

• التغيرات التكنولوجية: تؤثر في أداء الشركات وبالتالي في أسهمها.

• الأزمات الاقتصادية: كما حدث في الأزمة المالية العالمية 2008 وجائحة كورونا 2020.

ثامناً: الأصول الرقمية – شكل جديد من الأصول المالية

في العقد الأخير، ظهرت الأصول الرقمية كنوع جديد من الأصول المالية، أهمها:

العملات المشفرة (Cryptocurrencies)

مثل البيتكوين، الإيثريوم، وغيرها، وهي عملات تعتمد على تكنولوجيا البلوكشين وتتميز باللامركزية وعدم ارتباطها بالأنظمة المالية التقليدية. ورغم المخاطر العالية المرتبطة بها، إلا أنها جذبت شرائح واسعة من المستثمرين.

الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs)

تمثل ملكية رقمية لأعمال فنية، موسيقى، ألعاب، وغيرها، وتُعد جزءًا من تطور مفاهيم الملكية في البيئة الرقمية.

تاسعاً: مقارنة شاملة بين أنواع الأصول المالية

عاشراً: أساسيات اختيار الأصول المناسبة

عند اتخاذ قرارات استثمارية تتعلق باختيار نوع الأصول، يجب مراعاة ما يلي:

• الهدف الاستثماري: دخل دوري، نمو رأسمالي، تحوط، إلخ.

• المدة الزمنية: استثمار قصير أو طويل الأجل.

• تحمل المخاطر: يختلف من شخص لآخر.

• الخبرة المالية: بعض الأصول تتطلب معرفة تقنية ومالية متقدمة.

• الوضع الاقتصادي العام: يجب أن يتماشى اختيار الأصل مع توقعات الاقتصاد الكلي.

المصادر:

1. Bodie, Z., Kane, A., & Marcus, A. J. (2018). Investments (11th Edition). McGraw-Hill Education.

2. Mishkin, F. S., & Eakins, S. G. (2018). Financial Markets and Institutions (9th Edition). Pearson.